طرق علاج الإجهاض المتكرر Recurrent Abortion

الإجهاض المتكرر مشكلة مؤلمة يواجهها العديد من الأزواج، وهذه المشكلة مؤلمة حتى أكثر من العقم. لقد تم التعرف منذ مدة على التشوهات البنيوية الرحمية كسبب للإجهاض المتكرر في مشاكل التوليد، وعادةً ما تسبب هذه التشوهات الإجهاض في الثلاثة أشهر الثانية من الحمل (من الشهر الرابع وحتى السادس).

الإجهاض التلقائي المتكرر (Recurrent Spontaneous Abortion – RSA) أو الإجهاض المعتاد (Habitual Abortion) هو أكثر مضاعفات الحمل شيوعاً، وهو يخلق توتراً كبيراً لدى الأزواج الذين يسعون إلى إنجاب الأطفال.

تشير حالات الإجهاض المتكررة إلى 3 عمليات إجهاض أو أكثر على التوالي أو على فترات حمل أقل من 20 أسبوعاً أو إلى الأجنة التي يقل وزنها عن 500 ميلي جرام.

تبقى أسباب الإجهاض غير معروفة في 50% من الحالات، وتكون حوالي 50% من حالات الإجهاض التي تحدث في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ناتجة عن تشوهات الكروموسومات والتي يمكن التعرُّف عليها عن طريق اختبار النمط النووي، حيث يمكن فحص العينة المجهضة، وإن لم يتم اختبار النمط النووي للعينة المجهضة فإنه يوصى باستخدام اختبار النمط النووي للزوجين.

أسباب الإجهاض

نظراً للآثار النفسية المدمرة للإجهاض على الحياة الأسرية للأزواج فإن معرفة أسباب الإجهاض تساعد كثيراً في العلاج وتجنب إعادة الإجهاض لدى هؤلاء الأشخاص. إذا كان سبب الإجهاض هو عوامل أهبة التخثر فإن استخدام حمض الفوليك والأسبرين والأدوية الأخرى المضادة للتخثر يمكن أن يكون مفيداً لهؤلاء الأشخاص، وهناك العديد من الأمثلة التي تبين أن تجلط الدم في الأوعية الدموية الضيقة للمشيمة يمكن أن يكون سبباً للعديد من عمليات الإجهاض التي ليست لها سبب معروف.

يجب البحث أيضاً عن سبب تجلط الدم في عوامل أهبة التخثر، وبشكل عام يمكن تقسيم أسباب أهبة التخثر إلى مجموعتين رئيسيتين:

  • ذات المنشأ في نظام التخثر هي اضطرابات عوامل التخثر أو الاضطرابات الجينية أو العوامل المناعية الثانوية.
  • أسباب تنشأ في الشرايين وتكون مؤثرة في تخثر الدم وزيادة قابلية التجلط.

حسب الدراسات والأبحاث التي تم إجراؤها فقد تم التعرُّف على طفرات في العديد من الجينات على أنها سبب الإجهاض المتكرر، وهذا يشمل:

MTHFR A1298C & C677T:

تعتبر الأشكال المتعددة للنيوكليوتيدات المنفردة في الجينات التي تشفِّر الأنزيمات المنظمة للمسارات الاستقلابية الهامة مثل اختزال رباعي هيدروفولات الميثيلين (MTHFR) أحد العوامل المساهمة في الإصابة بأهبة التخثر، حيث يؤدي انخفاض نشاط الأنزيم MTHFR إلى انخفاض في ركيزة تركيب الميثيونين، وهذا بدوره يوقف تشكيل الهوموسيستين وبالتالي يزيد من مستوى الهوموسيستين، حيث تعتبر زيادة هذه الأحماض الأمينية في البلازما شديدة السمية.

PAI-1:

النوع المثبط لمنشطات البلازمينوجين PAI-1 له دور في تطوير الخثار الوريدي. لدى PAI-1 تأثير مثبط على منشطات بلازمينوجين من نوع الأنسجة ونوع أوركينازي، وهذا يمنع تحويل بلازمينوجين إلى بلازمين. إن زيادة نشاط PAI-1 هي من الأسباب الرئيسية لخلل وظيفة الفيبرينوليتيك، وقد تم التعرف على اثنين من متعددات الأشكال معروفين باسم 4G و5G في هذا الجين مرتبطين بالإجهاض.

Factor V Leiden & Factor II Prothrombin:

يتعرض الأشخاص المصابون بطفرات في العامل الجيني الخامس وجينات البروثرومبين لخطر متزايد للإصابة بالجلطات، ومن بين الجينات المسؤولة عن هذا الاضطراب عامل V Leiden ونقص البروتين C والبروتين S بالإضافة إلى طفرات البروثرومبين.

تتدخل كل من هذه العيوب بالإجهاض في مراحل مختلفة من الجنين (الثلاثة أشهر الأولى أو الثانية أو الأخيرة)، والنساء اللواتي يحملن طفرات في جين البروثرومبين أو العامل V Leiden معرضات للإجهاض بنسبة مرتين أكثر من النساء اللواتي ليست لديهن هذه الطفرات. يجب فحص النساء اللواتي يتعرضن للإجهاض في الثلث الثاني من الحمل بحثاً عن أهبة التخثر الوراثية بما في ذلك الطفرات في العامل V Leiden والعامل الثاني (البروثرومبين) والبروتين S.

Factor XIII:

أحد العوامل المهمة في نظام التخثر هو العامل الثالث عشر (عامل استقرار الفيبرين)، وهذا العامل هو جلوتاميناز متحول يلعب دوراً محورياً في عملية التخثر. يعد نقص العامل الثالث عشر الخلقي أحد اضطرابات التخثر النادرة التي يمكن أن تؤدي إلى الإجهاض المتكرر.

يظهر هذا المرض على شكل نزيف تلقائي ومتأخر في وجود اختبارات تجلط طبيعية، وبالإضافة إلى الحيض الغزير والمطول فإن النساء المصابات بهذا المرض معرضات لخطر مضاعفات الحمل المختلفة بما في ذلك الإجهاض.

طرق علاج الإجهاض المتكرر

لحسن الحظ يمكن في هذه الأيام تجنب الإجهاض الناتج عن ضعف الجهاز المناعي إلى حد كبير، وسيستفيد الأزواج الذين يرغبون في الإنجاب من مختلف الاختبارات والفحوصات التشخيصية مع مراعاة نوع اضطراب الجهاز المناعي. وهذه العلاجات تشمل:

  • الأسبرين: وهو مضاد للتخثر يمنع تجلط الدم عن طريق زيادة البروستاغلاندين E2 وزيادة تدفق الدم إلى المشيمة، وقد تم استخدامه لسنوات عديدة في أمراض المناعة الذاتية مثل متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية.
  • الهيبارين: يعمل الهيبارين بالإضافة إلى تأثيره المضاد للتخثر عن طريق تثبيط تحويل البروثرومبين إلى الثرومبين وزيادة مضاد الثرومبين 3، وله تأثيرات مناعية ويعمل مثل IL-3 مما يزيد من الهجومية ويزيد من تحويل الأرومة الخلوية إلى أرومات غاذية للشيخوخة، وكذلك فإنه يؤدي إلى تقليل IL-2 وTNF و-INFγ وComplement2. بفضل خصائصه المميعة فإنه يمكن استخدام الهيبارين إما بمفرده أو بالاشتراك مع الأسبرين لمنع الإجهاض المتكرر الناتج عن متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية عن طريق منع تجلط الدم. جزيئات الهيبارين لا تعبر المشيمة ولا تسبب مشاكل للجنين.
  • بريدنيزون: وهو مركب ستيرويدي يُستخدم لتثبيط جهاز المناعة وكذلك للحد من التهاب الساقط والتهاب زغابات المشيمة لدى المريضات اللواتي يعانين من متلازمة الأجسام المضادة للنواة الإيجابية ومتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية.
  • فيتامين د: له آثار مناعية أو تنظيمية للجهاز المناعي ويقلل من IL-2 وTNF وINFγ.
  • علاج الخلايا الليمفاوية أو تحصين خلايا الدم البيضاء الأبوية: هذا العلاج مخصص أكثر للمريضات اللواتي ليست لديهن القدرة على إنتاج Blocking Ab أو APCA بسبب تشابه HLA للأب والأم. نسبة نجاح هذا العلاج هي 20 إلى 68%، وإحدى طرق العلاج لإيجابية APCA هي حقن 0.5 ميلي لتر من الخلايا الليمفاوية الأبوية تحت الجلد في الذراع أو الساعد مرتين وبفاصل زمني 3 أسابيع بينهما.
  • الحقن الوريدي المناعي (IVIG) يقلل من ارتباط الخلايا التائية بمستقبلات FC والمصفوفة خارج الخلية مثل الكولاجين والإيلاستين والفيبرونيكتين ويؤدي إلى التوازن من Th2 إلى Th1 مما يؤدي إلى انخفاض نشاط الخلايا NK، كما أنه يستخدم لعلاج مجموعة من المريضات اللواتي يعانين من ارتفاع نشاط الخلايا CD56+ أو NK.

طبعاً في هذه المجموعة من المريضات اللواتي لديهن خلايا NK مستقبلات الكورتون فإن بريدنيزولون يمكن أن يساعد في السيطرة على هذه الخلايا، وقد أظهرت الدراسات الصغيرة أن استخدام الغلوبولين المناعي عن طريق الحقن يقلل من الإجهاض المتكرر ويقلل من تسمم الحمل وتحدُّد النمو داخل الرحم، لكن لم يشاهد الباحثون في دراساتهم السريرية فرقاً كبيراً في نتائج الحمل مع العلاج بالغلوبولين المناعي. هناك الكثير من الجدل حول فعالية الغلوبولين المناعي عن طريق الحقن في تحسين نجاح ما بعد نقل الأجنة لدى المريضات اللواتي واجهن عمليات أطفال أنابيب غير ناجحة.

أظهرت دراسة منهجية وتحليل ميتا أجريت في عام 2006 حول فعالية حقن الغلوبولين المناعي في المريضات اللواتي عانين من فشل التلقيح الاصطناعي المتكرر أن استخدام هذا العلاج يرتبط بشكل واضح بزيادة الحمل بعد نقل الأجنة. وطريقة العلاج هذه بجرعة منخفضة (على الأقل 200 ميلي جرام لكل كيلوجرام في الشهر) في المريضات اللواتي يعانين من نقص في فئات فرعية مختلفة من IgG قد أدت إلى حالات حمل ناجحة في أكثر من 90٪ من هؤلاء المريضات.

  • الطرق الأخرى المثبطة للمناعة: وتشمل حقن إنتراليبيد ونيفيديبين، وهي تثبط عمل جهاز المناعة رغم أن فعاليتها ما تزال موضع شك.
  • تحفيز النظام المناعي: باستخدام طرق يمكن أن تحفز الجهاز المناعي للأم لإنتاج أجسام مضادة APCA. لقد تم اختبار طرق مثل Membrane Trophoblast infusion وSeminal plasma suppositories وKilled Streptococcal Preparation ويبدو أن نتائجها مفيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مطالب وبلاگ

بهپویان
[gravityform id="2"]
×