تعاني أكثر من 10 ملايين امرأة في جميع أنحاء العالم من الانتباذ البطاني الرحمي، والانتباذ البطاني الرحمي في الواقع هو حالة تنمو فيها بطانة عنق الرحم خارج الرحم وتمتد إلى قناتي فالوب والمبايض وجدار الحوض.
يعتبر الانتباذ البطاني الرحمي أكثر انتشاراً عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و40 عاماً، لكن قد تصاب به الفتيات البالغات من العمر 10 سنوات أيضاً. إن نصف النساء المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي يعانين أيضاً من آلام الحوض المزمنة في حين أن حوالي 70% منهن يعانين من آلام الدورة الشهرية، والعقم شائع بينهن أيضاً، حيث تعاني منه واحدة من كل امرأتين مصابتين بالانتباذ البطاني الرحمي.
ما هو الانتباذ البطاني الرحمي؟
بطانة الرحم هي النسيج الطبيعي الذي يغطي تجويف الرحم، وهذا النسيج موجود بشكل طبيعي داخل تجويف الرحم ويخضع لتغييرات الدورة الشهرية بشكل دوري كل شهر، وطالما أن بطانة الرحم موجودة داخل تجويف الرحم فكل شيء طبيعي، لكن المشكلة تنشأ عندما يمتد هذا النسيج إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل داخل الحوض ويجف بشكل غير طبيعي في ذلك الجزء، حيث تؤدي هذه الأنسجة داخل الحوض إلى الالتهاب والنزيف وإلى التصاقات داخل الحوض، ويؤدي هذا أيضاً إلى تكوين أكياس بشكل متكرر في المبيضين.
يؤدي الالتهاب وتمدد الأعصاب والأنسجة إلى آلام حوض مزمنة، وعادةً ما تكون هذه الآلام شديدة جداً عند النساء والفتيات وقد تسبب مشاكل عقم في سنوات الإنجاب، ولكن ليست كل النساء المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي سيعانين بالتأكيد من مشاكل العقم.
يتكون نسيج بطانة الرحم من غدد وخلايا دم وأنسجة ضامة تنمو في الغالب داخل الرحم لتحضير الرحم للإباضة، يحدث الانتباذ البطاني الرحمي عندما تنمو بطانة الرحم خارج الرحم، وقد تنمو هذه الأنسجة في أي مكان في الجسم لكنها تنمو في الغالب في منطقة الحوض ويمكن أن تصيب مناطق مثل المبيضين وقناتي فالوب والصفاق والعقد الليمفاوية السفلية.
عادةً ما يضمحل هذا النسيج أثناء الدورة الشهرية ويخرج من الجسم في نهايتها، لكن الأنسجة التي نمت في مكان آخر لن تكون قادرة على الاضمحلال والخروج، وبالتالي فإنها تؤدي إلى العديد من الأعراض الجسمانية بما في ذلك الألم، وكلما كبرت هذه الأنسجة زاد تأثيرها على وظيفة الجسم، حيث يمكن أن يؤثر الألم والأعراض الأخرى أيضاً على جوانب مختلفة من الحياة بما في ذلك القدرة على العمل وصعوبة ممارسة الجنس.
سبب حدوث الانتباذ البطاني الرحمي
هناك أسباب مختلفة لحدوث الانتباذ البطاني الرحمي مثل عمر الشخص المصاب بكيس بطانة الرحم والوزن ودورة الطمث وتشوهات الرحم وعدم الحمل والبيئة وجراحة البطن.
مضاعفات الانتباذ البطاني الرحمي
مضاعفات الانتباذ البطاني الرحمي تشمل ما يلي:
- العقم الذي يصيب ما لا يقل عن 50% من النساء المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي
- زيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض أو سرطان الغدد الناجم عن التهاب بطانة الرحم
- أكياس المبيض
- الالتهابات
- حدوث التندبات والالتصاقات
- مشاكل في الأمعاء والمثانة
العوامل المؤثرة في الإصابة بالانتباذ البطاني الرحمي
يمكن لأية امرأة أو فتاة أن تصاب بالانتباذ البطاني الرحمي، ومع ذلك فإن بعض العوامل تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض، وهذه العوامل مبينة فيما يلي:
- العمر: ينتشر هذا المرض أكثر عند النساء بين سن الثلاثين والأربعين.
- عدم الإنجاب
- الوراثة: إصابة واحدة أو أكثر من الأقارب بالانتباذ البطاني الرحمي
- التاريخ الطبي: الإصابة بإنتان في الحوض أو مشاكل غير طبيعية في الرحم أو بمرض يمنع خروج دم الحيض.
- تاريخ الدورة الشهرية: نزيف الحيض لمدة أطول من سبعة أيام أو الدورة الشهرية الأقل من 27 يوماً
- تناول الكحول والكافئين وعدم ممارسة الرياضة: فهذه العوامل يمكن أن تزيد من إفراز هرمون الاستروجين.
علاج انتباذ بطانة الرحم بالمنظار
لعلاج الانتباذ البطاني الرحمي يجب عليك مراجعة طبيب نسائية متمرس. فكثير من الحالات تستجيب للأدوية وتتعالج بها، ومع ذلك إذا تقدم الانتباذ البطاني الرحمي ولم يكن بالإمكان علاجه بالأدوية فسيتم علاج الانتباذ البطاني الرحمي بالتنظير.
تنظير البطن هو عملية جراحية حديثة ومتقدمة يتم إجراؤها بتقنيات متطورة، وعادةً ما تفضل المريضات هذه الطريقة لأن الألم والمضاعفات التي تليها أقل بكثير من الجراحة بالطرق الأخرى.
في تنظير البطن يقوم المتخصصون بإجراء الجراحة باستخدام جهاز منظار البطن، وفي الواقع يعتبر تنظير البطن طريقة تشخيص وعلاج لانتباذ بطانة الرحم.
في البداية يتم عمل عدة ثقوب صغيرة في البطن من أجل علاج الانتباذ البطاني الرحمي بالمنظار، ثم يتم إدخال كاميرا متصلة بالشاشة إلى المنطقة المرغوبة من خلال أحد الثقوب، وأخيراً يتم تكبير صورة الأعضاء الداخلية جيداً ويَستخدم الطبيب الأدوات الجراحية التي يتم إدخالها من خلال الثقوب إلى البطن من أجل إزالة الالتصاق وإجراء الترميم اللازم. في بعض الأحيان قد تحدث التصاقات شديدة، لذلك يجب على طبيبك أن يفحص الأكياس والمبايض والأعضاء الأخرى بمهارة وأن يعالج المشكلة بشكل جيد. في هذه الطريقة تشعر المريضة بألم أقل وستعاني من إنتانات والتصاقات أقل.
إيجابيات علاج الانتباذ البطاني الرحمي بالمنظار
- أقل ما يمكن من الجروح
- أقل فترة نقاهة نتيجة استخدام طريقة علاج قليلة التوغل
- ألم خفيف بعد إجراء العملية
- العودة إلى القيام بجميع الأنشطة اليومية بعد انتهاء العملية
- عدم عمل شقوق على البطن والمحافظة على جمال البطن
- عدم التسبب بالتصاق
- عدم التسبب بفتق
- عدم التسبب بإنتان بعد الجراحة
أعراض الانتباذ البطاني الرحمي
هناك أمراض أخرى لها أعراض مشابهة لهذا المرض، ومن بين هذه الأمراض يمكن أن نذكر التهابات الحوض وتكيسات المبيض ومتلازمة القولون العصبي.
أعراض الانتباذ البطاني الرحمي تشمل ما يلي:
- مشاكل معوية وبولية تشمل الألم والإسهال والإمساك ونفخة البطن
- آلام الدورة الشهرية الشديدة التي لا يمكن السيطرة عليها باستخدام مسكنات الألم الشائعة مثل الإيبوبروفين
- آلام ظهر مزمنة وآلام شديدة في منطقة الحوض
- فترات حيض أطول من سبعة أيام
- استفراغ وغثيان
- مشاهدة دم في البراز أو البول
- ألم أثناء الجماع
- تعب وإرهاق
- نزيف حيض شديد بحيث يجب تغيير الفوطة الصحية كل ساعتين.
ما يزال سبب الانتباذ البطاني الرحمي غير معروف، ومع ذلك يُعتقد أن أشياء مثل زيادة مستويات هرمون الاستروجين والوراثة وتاريخ الإصابة بأمراض معينة وغيرها هي من أسباب الانتباذ البطاني الرحمي، ويرتبط هذا المرض بأعراض مثل آلام الدورة الشهرية الشديدة ونزيف الحيض الغزير واستمرار الحيض لفترات طويلة، وفي بعض الأحيان يكون الانتباذ البطاني الرحمي بدون أعراض. لا يوجد تشخيص نهائي لهذا المرض أيضاً، إلا أنه يمكن اكتشافه بمساعدة الفحص وبعض التحاليل. يستخدم الأطباء المسكنات والأدوية الهرمونية لعلاج هذا المرض، لكن إن لم تتم السيطرة على الانتباذ البطاني الرحمي ومعالجته بهذه الطرق فإنه يتم استخدام طريقة المنظار.
في السنوات الأخيرة ومع تقدم العلوم الطبية في مجال أمراض النساء أصبحت معظم الأمراض قابلة للسيطرة عليها وعلاجها من خلال التشخيص المبكر.
الانتباذ البطاني الرحمي ليس مرضاً مميتاً أو خطيراً، لكن إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب فقد يؤدي إلى مشاكل خطيرة.
